مصطفى المنوزي: كيف نحصن هوية المغاربة المتعددة ونُسَيِّدُ إنصهارها الوطني؟
لماذا فشلنا في مواجهة فوبيا الإغتراب الهويتي بعلة أن هناك قطائع تحول دون فرض إلتقائيتنا الهوياتية كمكونات وطنية ؟
ألا يجمعنا حد أدنى مشترك نواجه به الخوارج الإستعمارية والفاشية والعنصرية الإستئصالية ؟ سنظل متوجسين ، في علاقتنا مع الحق في الإختلاف ومطلب دمقرطته ما دامت تلوح في الأفق ملامح إجتهاد لتمرير مخطط صهينة ثقافية وقيمية وسيكولوجية تنساب كالنار في الهشيم ، وتتخذ لبوس صراع لغوي أو ديني ما فوق إجتماعي أو فئوي ، مخطط يروم إبادة هويتنا ومقومات كينونتنا بما فيها المكون الديني والثقافي العبري نفسه ؛ فلا رد لدينا كوطنيين سوى أننا لها بالمرصاد ولو إقتضى الأمر التحالف تكتيكيا مع الخصوم ( المناقضين الثانويين ) في سياق إختيار أخف الأضرار بحثا عن المصلحة الفضلى للوطن من أمن وإستقرار .
وإن هذا الإستنتاج بمثابة إحساس يراودنا ويطوق إرادتنا كلما خُيِّرنا بين أصوليات ( متحالفة موضوعيا ) أحلاها مرة . سنظل هكذا مكرهين قسريا وقهريا للتعامل ( مع الأقرب بمنطق المصلحة الوطنية ) ما دمنا نحمل معنا أعطاب الماضي وغموض رؤيتنا بهجانة تفكيرنا ، نواجه المخططات المبرمجة من الخارج أو من أعلى ، عوض أن نبلور معالم طريقنا بأنفسنا . حقا ورثنا بعضا من إستراتيجية أسلافنا ولكن لم نحسم بعد مع تناقضات تعرقل مسار تحولنا ، رغم المراجعات الصورية في الفكر والسياسة ، فهل سنظل نؤمن بأن صراعنا وتناقضاتنا تؤطرها ثنائية العنف والتسويات ؟ وبأي ميزان قوى نتحكم في النتائج بل في الأسباب والمقدمات في ظل التحكم في الإختيارات وإحتكار الصلاحيات ؟
إنها أسئلة قد تبدو زائدة وغير منتجة ، غير أنها في نظرنا نقدية وبناءة أمام الأسئلة المستحيلة التي تستدعي الرد على مخاطرات في صيغة انتحار او إحتضار ، كما هو الشأن في تفاعل ثنائية الهوية / العنف أو صدام ثنائية الحضارة / التخلف ، والتي لا تنتج سوى إنغلاق الجماعات / المجتمعات وما قد يترتب عنه من تداعيات إستشراء مشاعر الحقد والعنف والبغضاء والعداء بين مواطني نفس الوطن في ظل أنتعاش لحظات التوتر والصدامات الفكرية والثقافية والإيديولوجية ، إلى درجة تدفع الأغلبية ” تطبع ” مع الإعتقاد بحتمية الصراع الأزلي بين الهويات الحضارية والثقافية ، إعتقاد يزيل من الأذهان إحتمالية كل تعايش سلمي وإيجابي .
وقبل طرح سؤال قدرة دستورنا المغربي ( مبدئيا ) على تدبير الإختلاف والتنوع الوطني ، لابد أن نتساءل عن مدى وجود إرادة سياسية قوية لدى الدولة المغربية وقادتها ، ومعهم مهندسيها الأمنيين من مسؤولين ومستشارين ، تفكر مليا وبجدية ومسؤولية في مصير علاقات المغرب الخارجية والتي تؤثر ( بمنطق المصالح التي لا يحددها سواهم ) على تماسك الوحدة الوطنية ، فنحن نعيش مخاضا خطيرا قد يحول دون إستيعاب تعدد المكونات الهوياتية وطبيعة تبايناتها و خصوصياتها المتفردة ، ويكرس تماسك الهوية الوطنية التعددية والتي ستظل جدلية ومتحولة كلما أعدنا قراءة تاريخنا في أفق التوافق على كتابته جماعيا ؟