لم يكن الطفل ريان، يعرف أن يوم الثلاثاء 1 فبراير2022، سيكون يوما أسودا بالنسبة للمغاربة وللعالم أجمع، ففي زوال فاتح فبراير، سقط الطفل ريان في بئر  في غفلة من والديه بالقرب من الباب الرئيسي لمنزل العائلة، حيث بحث والداه عنه واكتشفا بعدها أن ابنهما الصغير الذي لم يتجاوز الخمس سنوات وصل إلى قاع البئر المهجور ولن يتمكنا لوحدهما من إنقاذه.

اتصلا فورا بالسلطات التي حلت بعين المكان لتبدأ عمليات البحث عن سبل الوصول إلى ريان مع الحفاظ على روحه بعدم سقوط الأحجار والأتربة فوق رأسه.

وبتنسيق تام مع النيابة العامة في اليوم الأول من سقوط الطفل، تم السماح لمجموعة من المتطوعين من محترفي تسلق الجبال وسبر أغوار المغارات بالدخول لإخراج الطفل ريان إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل.

اليوم الثاني:بحث واستنفار للأجهزة

في اليوم الثاني، قامت جرافات وآليات ثقيلة مدعومة بفريق من الطوبوغرافيين والعشرات من عناصر السلطات المحلية والوقاية المدنية والدرك الملكي والقوات المساعدة بإشراف مباشر من السلطات الإقليمية بجهود متواصلة ،لإنقاذ الطفل ريان، 5 سنوات، الذي سقط على عمق 32 مترا، في ثقب مائي غير مغطى وغير مسيج قرب منزل العائلة بقرية إرغان بجماعة تمروت بإقليم شفشاون.

ولم تتوقف جهود الإنقاذ منذ انطلاقها أملا في الوصول للطفل وهو على قيد الحياة، كما أن السلطات عبأت مختلف الوسائل الضرورية لهذه الغاية، حيث تم إيصال الماء والأوكسجين عبر أنابيب إلى الطفل ريان.

اليوم الثالث: تضامن عالمي

في اليوم الثالث وبعد الصور الأولى التي أظهرت أن الطفل ريان ما زال حيا، زاد منسوب الأمل وحج الآلاف من المواطنين صوب مكان الحفر ، لتقديم الدعم كما حجت مختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية، التي تابعت دقيقة بدقيقة عمليات الحفر والإنقاذ.

وغصت مواقع التواصل الاجتماعي ومن جميع الدول والجنسيات والأديان بدعوات الفرج لريان وخروجه حيا يرزق، وعبرت شخصيات من مختلف المجالات عن تضامنها مع الطفل وعائلته، ضمنهم سفيرة فرنسا بالرباط، والمفوض الأوروبي والصحة العالمية وهيرفي رونار وأشرف حكيمي ونانسي عجرم وأحلام ومؤثرين مشهورين عالميا.

فيما مرت مرحلة الإنقاذ بلحظات معقدة بسبب ضيق قطر البئر (لا يتجاوز 45 سنتيمتر ويصل في نهايته إلى 30 سنتيميتر)، وكذلك صعوبة وضعية التربة الهشة التي عقدت مهمة الإنقاذ.

اليوم الرابع: المراحل الأخيرة

تواصلت لليوم الرابع أي الجمعة عملية الحفر العمودي التي وصلت الى مراحلها الأخيرة قبل البدء في الحفر الأفقي الموازي للثقب المائي ، الذي سقط فيه الطفل ريان، بجماعة تمروت بإقليم شفشاون.

وأفاد عضو لجنة تتبع إنقاذ الطفل ريان المحدثة بعمالة إقليم شفشاون، عبد الهادي الثمراني ، أن عملية الحفر العمودي تسير بثبات وحذر لتفادي أي انجراف للتربة قد يعيق عملية الإنقاذ ، وذلك تحت إشراف خبراء في المجال ومهندسي المسح الطوبوغرافي وتقنيين ومتخصصي الوقاية المدنية .

وبدأت في هذا اليوم فرق الإنقاذ عملية الحفر اليدوي للوصول إلى الطفل ريان في قعر ثقب مائي بإقليم شفشاون.

واستعانت السلطات في الامتار الأخيرة، في حفر الآبار ب “با علي ” الملقب بـ “الصحراوي”، وذلك في أعقد مراحل إنقاذ الطفل العالق ريان.

وبا علي ، مغربي في الخمسينيات من العمر، من سكان مدينة أرفود ، يمارس منذ أكثر من 20 عاما مهنة حفر الآبار بطرق تقليدية يدوية، إلى جانب عمله في مجال البناء.

اليوم الخامس: رائحة الموت

في اليوم الخامس، كان الأمل كبيرا بأن يتم إخراج ريان حيا، كل الأنظار كانت متجهة لذلك الجبل الذي يرقد داخله ذلك الجسد الصغير.

الجميع حبس أنفاسه، في انتظار لحظة نقله إلى المستشفى عبر سيارة الإسعاف، وعودته مجددا ليلعب مع أشقاءه ويحظى بحنان أمه وأبيه.

وتمت تعبئة مروحية طبية تابعة للدرك الملكي وطاقم طبي وتمريضي متخصص في الإنعاش من أجل التكفل بالطفل ريان بعد إخراجه.

وبقيت فرق التدخل والانقاذ مرابطة بعين المكان منذ وقوع الحادث واجهت صعوبات عدة، لاسيما انهيار التربة ووجود كتل صخرية في بعض الطبقات.

إلا أن القدر قال كلمته، وأسلم الطفل ريان روحه لخالقها، حيث تم استخراج جثته هامدة وتم نقلها عبر سيارة الإسعاف إلى المستشفى وسط حزن عميق.

حيث أعلن الديوان الملكي في بلاغ رسمي له عن وفاة ريان وتقديم الملك لعزاءه لوالدي الطفل ليعم الحزن والسكون أرجاء المكان ومعه جميع مدن المغرب وباقي دول العالم المتابعين لقصة لم يكتب لها نهاية تسعد القلوب بل أدمتها.