“الحكومة تستغل الظرفية العالمية المتأزّمة و تداعيات جائحة كوفيد- 19 و الحرب الروسية-الأوكرانية كي تجني مداخيل “إضافية” من الضرائب التي يؤديها المواطنون عبر استهلاكهم للمحروقات”. هذا هو الاستنتاج الذي خلُص إليه الخبير المتخصّص المهندس يوسف كريّم . و ذلك في مقالة علمية تحليلية دقيقة نشرها موقع ميديا 24 الفرنكفوني.
 ومن المعلوم بأنّ الاقتصاد المغربي يعيش حالة ترقب منذ بداية هذا العام بسبب ارتفاع أسعار الوقود في المضخّات وعلى الأخص سعر الديزل . الذي  تجاوز عتبة 15 درهم قبل أيام.
و يسترسل المهندس يوسف كريم: “فبدل 3,37 درهم التي كانت الدولة تجنيها من كل لتر من الغازوال استهلكه المواطن في بداية السنة، أصبحت تحصل على 3,78 درهم. أي أكثر من 40 سنتيم إضافية في كل لتر.  أي حوالي 8 ملايين درهم إضافية كل يوم (حوالي 20 مليون لتر غازوال تستهلك كل يوم). أي 240 مليون درهم في الشهر (24 مليار سنتيم)”.
واستنادا إلى “متوسط ​​استهلاك يومي للديزل الذي يبلغ حوالي 20 مليون لتر ، فإن ارتفاع سعره سيكلف المستهلكين المغاربة ما لا يقل عن 2.8 مليار درهم منذ بداية العام”.
ويتسائل يوسف كريم في مقالته: “هل استغل الموزعون هذه الأرباح المفاجئة للتمادي في جني المزيد من الأرباح … ؟ هل الدعوات للتعليق “المؤقت” لضرائب المحروقات مشروعة؟…”

كيف يتم حساب سعر لتر من الديزل؟

ليسترسل الخبير في الشرح بالتفاصيل: ” أولاً ، لنبدأ بشرح الهيكل المعقد للسعر في المضخة (حالة الديزل). يتكون الأخير من عناصر ثابتة (بغض النظر عن سعر الشراء) وعناصر متغيرة (كنسبة مئوية من السعر):

– سعر الاسترجاع للمنتوج المكرّر: يشمل سعر شراء المادة الخام في السوق الدولية ، الشحن البحري , ضرائب الموانئ (ثابتة ، 21.04 درهم / طن) . تكاليف الاقتراب على مستوى الميناء (جزء متغير 1.80 ٪ × سعر الشراء + الجزء الثابت من 16.60 درهم / طن) . والضريبة شبه المالية (متغيرة ، 0.25٪ من سعر الشراء بالإضافة إلى ضرائب الميناء). وأخيرًا مكافأة التخزين (ثابتة ، 150 درهمًا للطن) .

– ضريبة الاستهلاك المحلي: 2.422 درهم / لتر .

– ضريبة القيمة المضافة: بمعدل 10٪.

– الائتمان الصحيح: بمعدل 0.41٪ من مبلغ ضريبة القيمة المضافة و “TIC” ، ويقصد به التعويض عن السداد المؤجل لهاتين الضريبتين.

– تكاليف وهامش الموزع (الهامش الإجمالي) ، والتي تؤدي بشكل عام وظيفة المستورد والبائع وتاجر الجملة لصالح تجار التجزئة. و يتم تحديد هوامش الموزعين بحرية من قبل الأخير ، منذ تحرير القطاع في دجنبر 2015. وتشمل التكاليف ، من بين أمور أخرى ، التأمين المحتمل المتعلق بحالة السفن والتكاليف اللوجستية مثل غرامات التأخير.

– التسربات  وتصحيح التباين الحراري للمخزون: و يشمل تعويض تجار التجزئة عن خسائر المنتج أثناء التوزيع والتعبئة . فضلاً عن حساسية المخزون للتغيرات في درجات الحرارة. وهي متغيرة على التوالي بنسبة 0.50٪ من سعر البيع لمتاجر التجزئة وثابتة عند 0.015 درهم / لتر.

– تكاليف بائع التجزئة والهامش (الهامش الإجمالي): يقصد ببائع التجزئة مشغّل محطة الخدمة أي المضخّة. 90٪ من هؤلاء ينتمون إلى موزعين رئيسيين ، مقابل 10٪ فقط من المستقلين. بالنسبة للجزء الأكبر ، هوامش الربح لدى تجار التجزئة يحدّدها الموزعون وتتراوح بشكل عام بين 0.35 و 0.40 درهم / لتر.”

هذا فضلا عن أنّ ” غياب (أو تغييب) مصفاة وطنية لتكرير النفط، يكلّف المواطن قرابة 2 دراهم في كل لتر غازوال”.

كاتب المقالة يوسف كريم مهندس دولة في الهندسة المدنية، خريج المدرسة الحسنية للأشغال العمومية. وهو حاصل على ماجيستر من المدرسة الوطنية للقناطر و ماستر في النقل من معهد ماسوشيسويت بالولايات المتحدة الأمريكية.

الدولة في قفص الإتّهام؟

بناءا على هذه المعطيات الدقيقة، وفي الوقت الذي قامت فيه الدول المتقدمة والليبرالية ، قبل غيرها، بخفض الضرائب الخاصة بالمحروقات ، مساهمة منها في دعم القدرة الشرائية للمواطن، فإنّ الدولة المغربية تجني “مداخيل إضافية ” من جيوب مواطنيها.
و يؤكّد يوسف كريّم: “بدل 3,37 درهم التي كانت الدولة تجنيها من كل لتر من الغازوال استهلكه المواطن في بداية السنة، أصبحت تحصل على 3,78 درهم. أي أكثر من 40 سنتيم إضافية في كل لتر”.
يعني أنّ الامر تعدى “الأرباح” المؤكّدة و “المشكوك” في امرها من طرف مؤسسات رسمية عديدة و الرأي العام  ككلّ. والتي تجنيها شركات المحروقات في المغرب منذ سنوات مستغلّة الأوضاع العامة. “الأرباح” التي كانت سببا في العديد من المساءلات على صعيد المؤسسات الحكومية المعنية بالمراقبة كلِجان مجلس النواب و مجلس المنافسة. و كذا هيئات و جمعيات المجتمع المدني و المتخصصين في المجال الاقتصادي.
ما كشفه هذا التحقيق  أنّ الدولة نفسها، من جهة، تجني “أرباحا و “مداخيل إضافية” من المواطن  و تزعم ،من جهة أخرى، أنها تصرف “دعما مباشرا” لبعض من فئاته و التي تملك وسائل للضغط على الحكومة كما هو معلوم .
و عندما يكون رجل الأعمال عزيز أخنوش، الفاعل الرئيسي في القطاع الخاص لتوزيع المحروقات في المغرب ، عبر هولدينغ أكوا”، هو نفسه رئيس الحكومة، المسؤول عن توفير المحروقات للمواطنين بناءا على قدرته الشرائية، نتأكّد بالملموس بأن زواج المال و الأعمال بالسياسة و السلطة فيه مفسدة عامة و وضعية “شاذّة” لا تخدم المنحى الديموقراطي الذي من المفروض أن تسير فيه بلادنا.
المقالة كاملة في الرابط التالي: