سنتين بدون مخيمات صيفية للأطفال بسبب جائحة فيروس كورونا جعلت مختلف الجمعيات و المنظمات التربوية تتطلع مع تحسن الحالة الوبائية إلى التوقيع على موسم تخييم صيف مميز بإمكانه أن يساعد على تجاوز الآثار السلبية التي خلفتها الجائحة على نفسية الأطفال الذين اعتادوا الاستفادة من هذه المخيمات.

250 ألف مستفيد و50 درهم يوميا للتغذية

وزارة الثقافة والشباب والتواصل باعتبارها الجهة المشرفة على تنظيم هذه المخيمات سبق لها أن كشفت خلال شهر أبريل الماضي بتنسيق مع الجامعة الوطنية للتخييم التي تضم أبرز الجمعيات والمنظمات التربوية عن عرضها بخصوص مخيمات صيف 2022 التي أرادت لها أن تكون مميزة، ومن أبرزها الرفع من منحة التغذية اليومية للمشاركين في هذه المخيمات من 30 إلى 50 درهم وذلك بغرض تجويد التغذية مع تكليف ممولين معتمدين من طرف الوزارة بالإشراف على هذا الأمر وفق دفتر تحملات، لكن في المقابل تم أيضا تقليص مدة التخييم خلال كل مرحلة من المراحل الخمس المكونة لهذا الموسم من 12 يوما إلى 10 أيام، ما يعني أن المشاركين الذين سبق للوزارة أن كشفت عن أن عددهم سيصل إلى ربع مليون مستفيد لن يقضوا داخل فضاءات التخييم سوى 8 أيام بحكم أن اليوم الأول من كل مرحلة يخصص للوصول والاستقرار واليوم الأخير يخصص للمغادرة، كما سبق لمحمد المهدي بنسعيد أن عزا هذا التقليص خلال رده على سؤال شفوي بالبرلمان إلى أن ذلك راجع لكون عدد من الفضاءات التخييمية تخضع حاليا للترميم بعد توقفها عن العمل لمدة سنتين، في ظل استهداف الوزارة لـ250 ألف طفل في جميع أنحاء المملكة من خلال عشرات المخيمات التي تم إعدادها لاستقبالهم في الجهات الاثنى عشر والتي تتوزع حسب القرار الذي أصدره بتاريخ 13 يونيو الماضي تحت عدد 946 على الشكل التالي: جهة طنجة تطوان الحسيمة (12 مخيما)، جهة الشرق (5 مخيمات)، جهة فاس مكناس (17 مخيما)، جهة الرباط سلا القنيطرة (6 مخيمات)، جهة الدار البيضاء سطات (6 مخيمات)، جهة مراكش أسفي (6 مخيمات)، جهة درعة تافيلالت (2 مخيمات)، جهة كلميم واد نون (2 مخيمات)، ومخيم واحد بكل من جهات بني ملال خنيفرة، والداخلة وذي الذهب والعيون الساقية الحمراء، وسوس ماسة، أي ما مجموعه 60 مخيما ستقوم بمهام استقبال الأطفال ما بين 14 يوليوز و4 شتنبر 2022، وذلك لتمكينهم من فرصة الترويح عن النفس والاستمتاع بعطلة صيفية بعيدا عن إكراهات كورونا، علما أنه وحسب ذات القرار، فإن باب المشركة مفتوح أمام الأطفال واليافعين المنتمين إلى مختلف الجمعيات والمنظمات التربوية والقطاعات الاجتماعية ومراكز حماية الطفولة وأطفال المهاجرين المقيمين بالمغرب والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

تقليص مدة التخييم إلى 48 يوما فقط

من بين الملاحظات المثيرة في قرار الوزير بنسعيد هو تحديد مدة التخييم على وجه العموم في 48 يوما عوض 60 يوما على الأقل كما كان معمولا به في السابق، حيث تم إقرار أربع مراحل مدة كل واحدة 10 أيام تنطلق يوم 14 يوليوز وتنتهي يوم 27 غشت، فيما المرحلة الخامسة والتي ستخصص لليافعين لن تتجاوز 8 أيام وتنطلق يوم 27 غشت حتى 4 شتنبر، ليسدل الستار على الموسم الذي من المفترض أن يكون مميزا ويسهم في محو أثر غياب التخييم لسنتين متتاليتين، لكن ودون إصدار أحكام قيمة فأغلب الجمعيات تعول على هذا الموسم من أجل إعادة الاعتبار للعمل التربوي، رغم عمليات التقليص التي عرفتها حصصها خاصة المنظمات التربوية الكبرى، والتي وصلت إلى النصف، فضلا عن الارتباك الذي تعرفه عملية الانطلاق خاصة داخل بعض الفضاءات المخصصة للتخييم والتي من المفروض أن يتم حلها من طرف لجنة الإشراف العام التي يتراسها الكاتب العام لقطاع الشباب مصطفى المسعودي وتضم مسؤولين ومدراء على مستوى الإدارة المركزية.

760 جمعية تشارك في موسم التخييم

مصادر من الجامعة الوطنية للتخييم نوهت بالعرض التربوي المقدم من طرف الوزارة مشيرة إلى موسم التخييم هذا العام سيمكن الجمعيات العمل وفق معايير مختلفة، رغم أن برنامج هذا العام سيخصص 65 في المائة من طاقته الاستيعابية للجمعيات الوطنية والجهوية، و25 في المائة للجمعيات المحلية، فيما تم تخصيص نسبة 10 في المائة للمؤسسات الاجتماعية، علما أن المحطات التنظيمية التي صاحبت الإعلان عن إطلاق العرض الوطني للتخييم في بداية شهر أبريل من طرف وزير الشباب والثقافة والتواصل، مكنت من تكوين رؤية لدى الجامعة رغم تقليص المدة الزمنية لكل مرحلة والتأخر في إنجاز صفقات بناء بعض الفضاءات الجديدة التي كان من المفترض أن تفتح أبوابها أمام الجمعيات وإغلاق أخرى كما هو الحال بالنسبة لمخيم تاغزوت بأكادير بل وإعدام بعض منها دون تعويضه كما هو حال مخيمي الانبعاث بأكادير وسيدي رحال الشاطئ بتراب برشيد، دون الإعلان عن تعويضهما.
الإشكاليات الأخرى التي تواجهها الجامعة، تتمثل في توزيع المراكز حسب الجمعيات، خاصة وأن هناك 160 جمعية وطنية تشارك في هذا الموسم إلى جانب 600 جمعية محلية وما يرتبط بها من إشكاليات التوزيع خاصة وأن أغلب الجمعيات المحلية تعتمد على مخيمات القرب كما أن حصصها لا تتجاوز 100 إلى 150 مستفيدا مقارنة مع الجمعيات الوطنية التي تحصل على ما يفوق 2000 مقعدا في مختلف المراحل، ما سيعقد من مهام تدبير المراحل رغم تعيين عدد من اللجان الوظيفية سواء على المستوى المركزي أو الجهوي والمحلي والتي تضم المئات من أطر الوزارة والجمعيات آملا في إيجاد حلول ناجعة لكافة هذه الإشكاليات.

انتقادات لجاهزية مراكز التخييم

الجمعيات المشاركة في موسم التخييم هذا العام تفاوتت ردود أفعالها بخصوص القرارات المتخذة سواء على المستوى المركزي أو من طرف الجامعة الوطنية للتخييم، ما بين مرحب بعودة المخيمات بعد عامين من الجائحة وما بين منتقد للقرارات التي تم اتخاذها وخاصة ما يخص تقليص مدة التخييم رغم التنويه بالرفع من قيمة التغذية إلى 50 درهما في اليوم.

في هذا السياق، يرى رشيد روكبان، رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب وهي منظمة وطنية اعتادت الاستفادة من ما يفوق 2400 مقعد سنويا، أن هذا الموسم الذي جاء بعد سنتين من الجائحة، لم تبدل الحكومة أي مجهود من أجل صيانة مراكز التصييف، خاصة وأن مدة سنتين من الإغلاق بسبب الجائحة كان يمكن أن يتم استغلالها لتجديد هذه المراكز وترميمها، وهو ما يجعل من الصعب على باقي المراكز أن تتحمل العدد المخصص لهذا العام والمحدد في 250 ألف ما أدى إلى تقليص عدد المستفيدين لدى كل جمعية للتغطية على هذا النقص، مشيرا إلى أن هذا النقص طال المنظمة التي يترأسها والتي لن تستفيد هذا العام سوى من 1200 مقعدا وهو نفس العدد الذي تم تعميمه على كافة الجمعيات الوطنية.

 

روكبان اعتبر في حديثه أن السؤال العريض الذي تطرحه الجمعيات المشاركة في موسم التخييم لهذا العام هو مدى جاهزية هذه المراكز، إلى جانب إشكاليات التقليص التي طالت العدد المخصص لكل جمعية وكذا فترات التخييم التي ما فتئت تتقلص كلما سنحت الفرصة للوزارة الوصية القيام بذلك، حيث يمكن تفهم هذا التقليص بالنسبة لهذا العام بحكم أن المرحلة الأولى تأخر انطلاقها حتى 14 يوليوز بسبب استمرار الدراسة حتى هذه الفترة، لكن التخوف هو أن يتم اعتماد هذه المدة بصفة رسمية، ليطالب بالعودة إلى المدة السابقة والمحددة في 15 يوما قبل تقلصيها إلى 12 يوما ثم 10 أيام، علما أن المخيمات في السابق كانت تتكون من 21 يوما خلال كل مرحلة، يقول روكبان، الذي أضاف بأنه ورغم التحسن المسجل فيما يخص منحة التغذية التي انتقلت من 30 إلى 50 درهما في اليوم لكل طفل، إلا أن السؤال الذي يطرح حولها يتعلق بمدى جودة الوجبات التي ستقدم وهل 50 درهما في ظل ارتفاع الأسعار سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية أو المحروقات ستمكن من ضمان تغدية متوازنة كافية حيث كان على الوزارة أن تأخذ بعين الاعتبار هذا الارتفاع لكنها لم تقم بأي شيء، وهو ما يطرح عدة تخوفات من أن تنعكس هذه الزيادات المتتالية على جودة خدمات التغذية واحترامها للشروط الصحية، داعيا إلى ضرورة اتخاذ تدابير استعجالية للرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للتغذية بالمخيمات الصيفية.

رئيس منظمة الطلائع أطفال المغرب طالب من جهة أخرى بضرورة تغيير مقاربة الحكومة للقطاع عبر الرفع من الميزانية المخصصة له، والإسراع بإصلاح وصيانة فضاءات الطفولة والشباب ومراكز الاصطياف والتخييم.، مستنكرا في ذات السياق إعدام فضاءات التخييم، وآخرها مخيم سيدي رحال بإقليم برشيد وهو الإغلاق النهائي الذي يدخل ضمن سلسلة من الإغلاقات المستمرة التي تهدد شبكة مراكز الاصطياف والتخييم وتضعفها وتؤثر سلبا على تنوعها وأعداد الأطفال والشباب المستفيدين منها.

إجراءات موسم التخييم تقطع الطريق على التلاعبات

يوسف حماس رئيس المكتب الجهوي لجمعية محترف الشعلة للتنشيط التربوي والثقافي بجهة الشرق، قال أن جمعيته وفي إطار البرنامج الوطني “عطلة للجميع نشارك في المراحل التخييمية الخاصة بصيف 2022 بعد توقف المخيمات لمدة سنتين بسبب جائحة كورونا وهذا العام المخيمات سيكون لها طابع خاص حيث تجند الكل سواء وزارة الثقافة والشباب والتواصل أو الجامعة الوطنية للتخييم أو الجمعيات المهتمة بالتخييم من أجل مواكبة هذا البرنامج الوطني والذي انطلق يوم 14 يوليوز في خمس مراحل.

حماس أكد بخصوص جمعية محترف شعلة بجهة الشرق أنهم واكبوا مختلف المراحل المواكبة لهذا الحدث الصيفي بتنسيق مع الجامعة الوطنية للتخييم سواء تعلق الأمر بفتح المراكز وإعادة صيانتها وذلك من أجل إيجاد بنية للإقامة خاصة وأن المرحلة الأولى التي تستفيد منها جمعيته كانت لها إكراهات عديدة بسبب تمديد الموسم الدراسي وهناك الكثير من المؤطرين تابعين لمجال التعليم، فيما قال بخصوص الإكراه الثاني أنه يتمثل في نقص الفضاءات التخييمية مقارنة مع السنوات السابقة بسبب الضغط على المرا، رغم وجود وعود من أجل حل كافة الإشكاليات وبالرغم من الرفع من منحة التغذية إلى 50 درهما ما سيمكن من ضمان نوع من الجودة، خاصة وأن هذا الأمر كان مطلبا في السابق لكل الجمعيات من أجل تجويد خدمات المطعمة المقدمة للأطفال واليافعين.

أما بخصوص تقليص مدة كل مرحلة من 12 يوما إلى 10 أيام، فعزاها يوسف حماس إلى رغبة الوزارة الوصية على القطاع في فتح المجال أمام استفادة أكبر عدد ممكن من الجمعيات خاصة وأن موسم التخييم انطلق متأخرا، مشيرا إلى أن هذا التقليص هو أمر صحي شريطة أن لا يكون على حساب جودة الخدمات، وكذا من أجل قطع الطريق أمام المتلاعبين بحصص التخييم الذين يحصلون على أعداد من المقاعد لا يتوفرون عليها ويقومون بتفويتها لصالح بعض الجمعيات غير المستفيدة أو مؤسسات الأعمال الاجتماعية لبعض القطاعات ما يسهم في تفويت فرصة الاستفادة على جمعيات يتم حرمانها من الاستفادة، ليؤكد بخصوص جمعية محترف الشعلة للتنشيط التربوي والثقافي بجهة الشرق أنه وبالرغم من كل هذه الإكراهات، تمكنت من الحصول على حصتها من خلال الاستفادة من 100 مقعد بمخيم السعيدية إلى جانب 150 مقعدا ضمن أنشطة القرب فضلا عن تمويل بعض اللقاءات الدراسية الخاصة بأطر الجمعية وهي كافية بالنظر إلى ما هو متوفر لديهم من خزان بشري.

م.الايام24