مصطفى المنوزي: ذكرى توافق واشنطن ومطلب إلغاء التطبيع مع إملاءات الخارج
هناك أيضا تطبيع مع إملاءات المؤسسات المالية الدولية ينبغي المطالبة بإلغائه ، توصيات وإملاءات بل مخططات تؤطر وتحجر على السياسات العمومية الوطنية وخاصة بتحكمها في تحديد الميزانيات ذات الصلة بالإنفاق العمومي في مجالات ذات الطابع الإجتماعي ( الصحة الشغل والتعليم وكافة القطاعات المكلفة ماليا.
فكما هو معلوم يلاحظ بأن الحقوق السياسية والمدنية أقل كلفة مما تتطلبه الحقوق الإقتصادية والإجتماعية ؛ فكيف نواجه هذا التسامح و التطبيع رغم أنه يمس بشكل واضح بالسيادة المالية ويؤثر على إستقلالية القرار التشريعي /الإقتصادي / الأمني والذي يعد الموجه الحاسم لكل القرارات والسياسات العامة / الدولتية والعمومية / الحكومية.
وإن التاريخ شاهد على تواتر الأزمات والإحتقانات الإجتماعية والإنفلاتات الأمنية التي عاشها وطننا منذ إبرام توافق واشنطن بمثابة مرجعية تأصيلية لمشروع النيوليبرالية والتي انعقد إجتماعها بالعاصمة السياسية للولايات المتحدة عوض نيويورك العاصمة الإقتصادية ؛ رغم المحتوى المالي والإقتصادي ، وذلك بااموازاة مع حدث سقوط جدار براين سنة 1989 ، وقد تضمن التوافق ، أو الإجماع ، توصيات صدرت بهذا الإسم حضرته الحكومة الأمريكية والشركات اامتعدية الجنسيات ، توصيات وأدبيات تبنتها المؤسسات المالية الدولية ، بل منذ التفكير في تفعيل مقتضيات التقويم الهيكلي ؟.
مهما اختلفت المقاربات الفكرية والسياسية فلن يختلف الوطنيون على أن أي تحول أو إنتقال لن يتم إلا عبر التحرر من التبعية المالية والإقتصادية في ظل استراتيجية المساعدات الإقتراضية والإشتراطية ، والتي تكفي الفؤائد المدينة لوحدها لرهن مستقبل وطننا التنموي .
فلا إنتقال إلا عبر عدالة إنتقال حقيقي، في العلاقة مع توتر الجوار المفتعل ضدا على تعاون وتضامن ووحدة شعوب المغرب الكبير ، وهو تواطؤ يكرس تحنيط المغرب كجزيرة مسيجة ومهددة بإقتصاد الحدود وبمخاطر الجريمة الدولية المنظمة ، ومع فلول الإستعمار وخلفياته الأنتروبولوجية الكولونيالية ، وهو أنواع وتجليات ، علاقة أطماع و عداء تستهدف في آخر ااتحليل والمطاف المصير الوجودي بهويات صلبة تارة وبحصار سائل ، تحول دون تحقق مطالب المجتمع من تنمية وديمقراطية ، ودون تحقيق الدولة لطموحها في تبوء الموقع المتقدم في سياق التنافسية الندية تجاه كل ما كان يعتبر وطننا مجرد منفذ وسوق على رأسه دولة لا تصلح إلا أن تكون دركيا للمنطقة وجمركيا للحدود والجسور ومجرد كمبرادور ووسيط يدبر بالتفويض كل العمليات المالية والأمنية !
فماذا عسى الطبقة السياسية فاعلة أليس حريا بها إطلاق مبادرة تقييم علاقاتنا مع الخارج ، وأليست المطالبة بإلغاء الديون مدخلا لإنجاح هذه الإستراتيجية والتي من إيجابياتها ، كحد أدنى ممكن ، تقليص الفوارق الإجتماعية والتوتر بين الدولة وتعبيرات المجتمع ، وقد عاين الجميع مدى تضخم كلفة العلاقة مع الخوارج مالية أو دينية كانت وبالأحرى أمنية ولعل أبرزها تعثر تحقيق المشروع التنموي وبالأحرى بلوغ التحول الديموقراطي ، والحال أن الظرفية مساعدة في ظلال توفر ممكنات تغيير خريطة التحالفات الدولية على معايير جديدة مغايرة ؟.
مصطفى المنوزي:رئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن .