المجتمع المدني يترافع من أجل الحق في التعليم

 

شكل موضوع “دور المجتمع المدني في الترافع من أجل الحق في التربية والتعليم حماية المدرسة العمومية” موضوع المائدة المستديرة التي نظمها الجمعة خامس يناير الجاري الفضاء الجمعوى ودينامية الرباط بتعاون مع المنظمة المغ بية لحقوق الإنسان وذلك بمشاركة فعاليات جمعوية ونقابية واعلامية وخبراء في مجال التربية والتعليم.

وتناول المشاركون في هذه المائدة المستديرة التي نشطها الفاعل المدني عثمان مخون بالمناقشة والدراسة أربعة محاور تتعلق بالحق في التربية والتعليم و ب” الدولة الاجتماعية ” أية علاقة؟ وتشخيص الأسباب الكامنة وراء إخفاق كل من المدرسة المغربية، وخالإصلاحات المتلاحقة لاسيما منها الأخيرة (البرنامج الاستعجالي والرؤية الاستراتيجية 2015- 2030 ) ومكانة المدرسة العمومية والحق في التعليم ضمن النموذج التنموي الجديد.
كما قاربوا من زوايا متقاطعة الإشكاليات الكبرى لتمويل المدرسة العمومية وتوفير الجودة في التعليم ومكانة جمعيات المجتمع المدني في النهوض والترافع من أجل مدرسة عمومية ناجحة و دامجة، فضلا عن الخطوات الاستعجالية والسبل الكفيلة لاستدراك الخصاص والتأخر في تحصيل التعلمات والمهارات الأساسية بالمدرسة العمومية.
وقال عثمان مخون في مستهل هذا اللقاء، أنه بات مطروحا على المجتمع المدني، أن يساهم بوجهة نظره، حول الوضعية الراهنة التي يجتازها قطاع التربية والتعليم، انطلاقا من أن الحق في التعليم، كان إحدى معاركه النضالية. كما تساءل عن الدور الذي يمكن أن يضطلع به المجتمع المدني في ظل ما اعتبره حرمان نحو ثمانية ملايين طفل، نتيجة الإضراب الذي يشنه نساء ورجال التعليم منذ ثلاثة أشهر،من الحق في التعليم الذي يعد حقا مركزيا لكافة البشر، نصت عليه كل المواثيق والقوانين الدولية.

وألقيت في هذا اللقاء المنعقد بناء على المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن ” لكل شخص الحق في التعليم ..” مداخلات من طرف الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي عز الدين أقصبي ، والأستاذ أحمد سهوات الكاتب العام للائتلاف المغربي للتعليم للجميع والأستاذة لطيفة السفياني رئيسة الفضاء الجمعوي ورشيد الصديق رئيس المركز المغربي للمواطنة.
وهكذا أكد الأستاذ عزالدين أقصبي، على العلاقة الوطيدة بين اصلاح قطاع التربية والتعليم، والقانون المالي للدولة معتبرا أن الدفاع عن الحق في التعليم ، هو حق لكل المغاربة من أجل تحقيق التنمية، في الوقت الذي هناك حاجة ملحة لتطور الموارد لتحقيق الجودة معبرا عن اعتقاده الراسخ بأنه رغم مرور ربع قرن على الإصلاحات لم يحصل أي تقدم، بل سجلت عدة تراجعات في ميدان التربية والتعليم.
وإذا كانت مختلف المبادرات الإصلاحية، ركزت بالخصوص على قضايا تعميم والزامية التعليم، واشكالية الجودة، وخفض الهدر المدرسي خاصة على مستوى الابتدائي والاعدادي، بيد أن الهدف الأساسي انصب ما بين سنتي 2008 و2009 على مشكل الحكامة علاوة على أهداف أخرى مشيرا الى أن الميزانية المخصصة لقطاع التربية والتعليم في القانون المالي لسنة 2024، تشكل ما معدله 21 في المائة من الميزانية العامة للدولة.
وفي هذا الصدد لاحظ عز الدين أقصبى بأنه على الرغم من هذا المجهود المالي المخصص للتربية والتعليم، فإن النتائج المحققة في هذا القطاع ” كانت جد ضعيفة”، ولم يتم لغاية الآن معالجة الإشكاليات المزمنة التي يعرف التعليم ومنها النقص الحاصل وضع أمام إشارة الطواقم التربوية المعلومات الكافية حول القطاع الذي يشتغلون فيه من أجل ضمان حقهم في المساءلة. وركز كذلك على إشكالية الحكامة في التعليم التي يرى أنه بدونها لن يتحقق أي اصلاح حقيقي في هذا القطاع الذي يعاني من مشاكل بنيوية، في مقدمتها تهميش مكونات المدرسة العمومية، في المساهمة في اتخاذ القرار.
ومن بين الاقتراحات التي طرحها المتدخل الإسراع بمراجعة شاملة واطلاق حوار وطني حقيقي من أجل الخروج من الوضع الراهن، باشراك كافة الفاعلين، وان قضية التربية والتعليم هي مسؤولية مشتركة لجميع الأطراف من دولة وفعاليات، وذلك بهدف الارتقاء بمستوى التعليم،حتى يتمكن المجتمع من العودة الى المدرسة العمومية.
أما الأستاذ أحمد سهوات ، فأكد على أهمية فتح نقاش حول قضية التربية والتعليم، التي كان للنسيج الجمعويحول اصلاح المدرسة العمومية، دورا في اثارته، معتبرا أن قضية التعليم كانت دوما محل صراع سياسي وثقافي وديني متسائلا عن أسباب الفشل وتمظهراته والتي يعود جانبا منها ربط الميثاق الوطني للتربية والتعليم، لهذا القطاع الحيوي بسوق الشغل فقط، وتهميش دوره التربوي .

المجتمع المدني
وبعدما توقف عند ما تنص عليه منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ( اليونيسكو ) ومنظومة حقوق الانسان وذات الصلة، أشار إلى أنه يمكن للمجتمع المدني اللجوء إلى كل الطرق التي يمكن أن تمكن من ضمان وصيانة الحق في التعليم، وذلك استنادا الى تنص عليه الدستور والمواثق الدولية منها اللجوء حتى الى القضاء.
وأوضح المتدخل أن من بين الهيئات التي لها تضطلع بدور هام في ضمان الحق في التعليم، هناك المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان والهيئات الحقوقية، فضلا عن البيانات التي تصدرها منظمات المجتمع المدني التي من مهامها الترافع حول الحق في التعليم الذي تنص عليه المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
من جهتها قالت الأستاذة لطيفة السفياني، إن تنظيم هذه المائدة المستديرة، تشكل مناسبة للتحسيس بالمسؤولية الجماعية حول الدفاع عن الحق في التعليم، واثارة انتباه الفاعليين المدنيين لإيلاء الاهتمام اللازم لهذا الحق معربة عن اعتقادها الراسخ بأن هذه القضية ترتبط بعدة إشكاليات منها السياسات العمومية في مجال التربية والتعليم، والطرق المعتمدة في التوظيف، منها التعاقد، وبرامج التكوين والتكوين المستمر، وهي عمليات تجرى في ظل غياب الإطار المرجعي للمهن والكفايات.
وبعدما تساءلت عن أي أستاذ نريد؟، قالت إن هناك إشكال آخر مطروح يتعلق بتحليل الممارسات الصفية للأساتذة والأطر الإدارية، فضلا عن عدم مراجعة المناهج والبرامج منذ 2005 مؤكدة على أن التعليم مشروع مجتمعي يتم بناؤه، وليس عبارة عن اجراء مباراة يتم التنافس داخلها.
كما تساءلت عن دور المجتمع المدني والقطاعات الحكومية في الأزمة التي يعرفها التعليم قبل اندلاعها وخلالها، و قالت أن ذلك أدى إلى توقف الدراسة بالمؤسسات التعليمية، وأجهز على الحق في التعليم الذي شكل دوما ملفا مفتوحا على كل الأفاق. وشددت على أن قضية التربية والتعليم كانت تندرج ضمن انشغالات المجتمع المدني، داعية الى وضع تصور جمعوي واضح المعالم تدمج فيه مقاربة النوع الاجتماعي من أجل الترافع الجاد عن الحق في التعليم الذي يعد محطة أساسية لأية تنمية منشودة .
وبعدما توقفت عند الاحصائيات الرسمية حول قضية المرأة والتعليم التي تشير الى أن 50 في المائة من النساء، بدون أي مستوى دراسي، وهو ما يتطلب في نظرها اعتماد مقاربة شمولية لمعالجة هذا الأمر لا فتة الانتباه الى أن بقاء التلاميذ خارج المدرسة، نتيجة الاضراب،يصبحون مهددون بالتأثربعدد من الظواهر السلبية خاصة الفتيات منهم ( التحرش الجنسي نموذجا بالفضاء العام).
ولاحظت تغييب المجتمع المدني في جلسات الحوار الاجتماعي الجاري حاليا ما بين نقابات التعليم والحكومة، كما لم يتم تشرك أية امرأة في الوقت الذي يتحدث الجميع عن حقوق التلميذات والتلاميذ. ودعت فعاليات المجتمع المدني الى العمل على استعادة دوره في الترافع عن الحق في التربية والتعليم والدفاع عن المدرسة العمومية، ومحاربة عدم التكافؤ ما بين التعليم العمومي والتعليم الخاص، مع مضاعفة الجهود في التربية على القيم وحرية اختيار الأطر التربوية لحياتهم المهنية.
رشيد الصديق اختار أن يتوقف في مداخلته عند نتائج استطلاع الرأي الذى أجراه مركز المواطنة ما بين 25 و28 دجنبر 2023 حول التعليم العمومي بهدف الوقوف على آراء المغاربة بخصوص التعليم العمومي في ظل الاحتقان الغير مسبوق الذي يعرفه القطاع موضحا أن الاستطلاع، ساهم فيه 12.138 مشاركة ومشارك يمثلون جميع جهات المملكة ومغاربة العالم، وخلص إلى عدم وجود فارق معبر بين آراء نساء ورجال التعليم