يحتل القطاع الفلاحي مكانة هامة في الاقتصاد الوطني من حيث مساهمته في الناتج الداخلي الخام والتشغيل.

وخلال العقدين الماضيين، أولت السياسة الفلاحية أهمية إلى حماية الفلاحة التقليدية القائمة على التضامن مع إرساء أسس فلاحة عصرية تعتمد على الإنتاجية وموجهة نحو التصدير.

وأثارت أزمة كوفيد 19 بحدة ضرورة ضمان الأمن الغذائي للمغاربة، سواء بالنسبة للمنتجات الزراعية الأولية أو المصنعة.

في هذا الإطار اقترحت اللجنة الملكية التي عينها الملك محمد السادس، من أجل بلورة نموذج تنموي جديد برئاسة شكيب بنموسى،  توصيات لتعزيز تثمين هذا القطاع وتحقيق سيادة غذائية ترتكز على فلاحة عصرية، وذلك في انسجام مع أولويات النموذج التنموي.

أولى هذه الاقتراحات، وفق تقرير لجنة بنموسى، الرفع من التثمين المحلي للإنتاج الفلاحي، حيث أنه كثيرا ما يشار إلى الفلاحة باعتبارها قطاعا تقليديا، إلا أنها تتيح إمكانات مهمة من حيث الارتقاء وتثمين الإنتاج المحلي من خلال تحويله وتصنيعه ، مع الرفع من إنتاج المواد الزراعية الأولية من خلال العمل على تطوير الصناعة الغذائية ودعم الإندماج الكامل لسلاسل القيمة الفلاحية التي تعد مصدرا للقيمة المضافة المحلية ولخلق مناصب شغل

ويمر هذا، وفق تقرير اللجنة المذكورة، عبر دعم التكامل بين كل الفاعلين بالقطاع وضمن مختلف سلاسل القيمة الفلاحية. كما يستدعي هذا أيضا دعم القدرات من خلال نماذج تعاونية ولتجميع الأراضي مناسبة فضلا عن تحفيز الاستثمار.

كما أكد خبراء لجنة النموذج التنموي، ضمن ذات التقرير، أن تطوير قنوات التسويق، يشكل أهمية بالغة بالنسبة لمراكز الإنتاج الرئيسية مع ما يترتب عنه من مواصلة الجهود الرامية إلى تشجيع وتعميم معايير الجودة والسلامة الصحية والغذائية، فضلا عن تسريع الاندماج في القطاع المهيكل.

كما اقترح تقرير لجنة بنموسى، تطوير فلاحة عصرية ومسؤولة اجتماعيا وإيكولوجيا، ووضع التكنولوجيا في خدمة الاستدامة، حيث أنه في هذا الإطار دعت اللجنة الملكية للنموذج التنموي، إلى بذل المزيد من الجهود من أجل فلاحة عصرية تكرس معايير المسؤولية البيئية والاجتماعية على حد سواء، وتساهم في تحقيق أهداف السيادة الغذائية.

في ذات السياق اعتبرت اللجنة ، أن التوفيق بين الإنتاجية والاستدامة من الممكن أن يتحقق عبر وسائل مختلفة ، أولها توسيع الولوج إلى طرق الإنتاج المبتكرة التي تعمل على تحسين المحاصيل، ثم ترشيد استخدام الماء في المجال الزراعي والأخذ بعين الاعتبار نذرته بالتركيز على القطاعات التي تعتبر أساسية للسيادة الغذائية وتعبئة التكنولوجيات الأكثر تقدما.

كما اقترحت اللجنة، دعم تطوير الزراعة الأسرية والزراعة البورية وتربية الماضية التي تعتمد على الرعي، إضافة إلى تعزيز الإنتاج المحلي والولوج إلى المدخلات ( مستلزمات الإنتاج) الزراعية المناسبة كالبذور ذات القدرة على التكيف مع تغيرات المناخ والتخصيب الذكي والعقلاني، ثم تعزيز أدوات تمويل النظم الإيكولوجية الزراعية المناسبة والتي يمكن الولوج إليها.

أما على الصعيد الاجتماعي، يورد التقرير، فيجب تعزيز إدماج الفلاحين سواء كانوا مزارعين أو عمالا وذلك بتيسير الولوج إلى حماية اجتماعية معممة، وتطوير البنى التحتية القروية وتحسين ظروف العمل بفضل الأدوات التكنولوجية.

كما أكدت اللجنة في تقريرها، على تعزيز الكفاءات البشرية وتشجيع البحث والابتكار في مجال الفلاحة والصناعة الغذائية، حيث أنه بالنظر إلى الرهانات الكبيرة للقطاع ، ترى اللجنة أنه من الضروري تعزيز البحث والتطوير والابتكار في الميدان الفلاحي وفي مجال الصناعة الغذائية، من أجل توطيد أسس السيادة الغذائية للبلاد.

وخلصت اللجنة، إلى أنه ينبغي تشجيع التعليم العالي والتكوين المهني في الحرف المتصلة بالفلاحة والصناعة الغذائية، مع إضفاء الطابع المحلي عليها والاستفادة من المهن والكفاءات، مؤكدة أنه يجب اعتماد مقاربة نسقية وذات طابع عرضاني من أجل رفع التحدي بالغ التعقيد المتعلق بالسيادة الغذائية.