في هذا الحوار، وبمناسبة مرور 46 سنة على طرد آلاف المغاربة من الجزائر بشكل تعسفي يوم 18 دجنبر 1975، نفتح النقاش مع رئيس جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر: ميلود الشاوش، حيث سنتناول معه في حوار من جزئين، طبيعة الجرائم المرتكبة في حق الضحايا، والمسارات التي اختاروها من أجل الإنصاف، ثم الخطوات التي تم اتخاذها من أجل الضغط دوليا على النظام الجزائري للاعتراف بالجريمة وجبر الضرر وتعويض الضحايا

المغرب 35: مرت اليوم ستة وأربعون سنة على حادثة التهجير القسري لمغاربة الجزائر، وخسروا أموالهم وروابطهم الاجتماعية آنذاك، اليوم وبعد كل هذه الفترة، ما الذي تبقى من خسائر يمكن تعويضها؟

حقيقة، هي ليست بحادثة، هي مأساة، نكبة ذلك الوقت ابتدأت من شهر دجنبر وانتهت إلى حوالي أواخر شهر يناير أو بداية شهر فبراير، الحدث كانت مدته غير سهلة بالإضافة إلى أنه حدث كبير جدا، لأنه شمل عائلات، وعددا كبيرا من الضحايا، ما يناهز 500 ألف شخص، أي نصف مليون مغربي ومغربية.

بالنسبة للروابط، فعندما نقول الروابط الاجتماعية فأكيد أنه كانت هناك عائلات مختلطة ما بين مغاربية وجزائرية، ناهيك عن أن هذه العائلات ولو كانت مغربية، فإنها تقطن وتستوطن هذه الأراضي منذ عقود، لا ننسى تاريخيا أن مدينتي تلمسان ومغنية هي كلها كانت تابعة للدولة المغربية، فهم كانوا يظنون أنهم فوق التراب المغربي، لكن حقيقة الاستعمار الفرنسي هو الذي أعطى هذه الأرض إلى الجزائر، وبالتالي تواجدهم بالأراضي الجزائرية هو تواجد أصلا كان فوق التراب المغربي، بعد ذلك أصبحوا تابعين للدولة الجزائرية، وكانت الدولة الجزائرية محرجة من تواجد مغاربة بأراضي كانت بالأمس مغربية، فهذا دافع أساسي لأنها تقوم بهذا الفعل الإجرامي وتهجير المواطنين الأصليين من أراضيهم، هذه جريمة أخرى قامت بها الدولة الجزائرية في 1975وما خفي كان أعظم.

إذن الروابط الاجتماعية بطبيعة الحال تشتتت، عائلات فقدت كل أعضائها أو مجمل أعضاء العوائل سواء المغربية أو المغاربية إن أردت القول مغربية جزائرية

بعد هذه الفترة ما الذي تبقى من خسائر يمكن تعويضها؟ أكيد أنه الخسائر بقيت كما هي، فعندما نتكلم عن التعويض، نتكلم عن التعويض الإجمالي لأنه هناك جبر ضرر مادي ومعنوي، المادي هو كل الممتلكات وكل ما كانوا يملكون من عقارات، من أراضي، من شركات من أرصدة بنكية كلها استحوذ عليها النظام الجزائري آنذاك، واعتبرت غنيمة استولى عليها النظام بالإضافة إلى بعض المواطنين الذين استولوا على المنازل، وعلى العقارات وعلى الأراضي فأصبحت غنيمة لهم كأننا كنا في حرب

إقرأ أيضا: جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر تسير باتجاه المحكمة الجنائية الدولية

هذا بالإضافة إلى جبر الضرر المعنوي الذي تسبب في تشتيت العائلات وفي المعاناة، ناهيك عن النساء أو الفتيات اللائي تعرضن إلى الاغتصاب، والتحرش الجنسي داخل مخافر الشرطة أو أثناء الاعتقال، إضافة إلى المفقودين من رجال وشباب مصيرهم ليس معروفا إلى حد الآن، بالإضافة إلى شهادات بعض العائلات التي تؤكد بأن الرجال أو الآباء أو الشباب تم اغتيالهم إما رميا بالرصاص أو شنقا في أماكن سرية.

إذن الخسائر هي خسائر كلها لم تعوض، يعني الضحايا لم يستفيدوا من تعويض ولم يستفيدوا من أي إنصاف إلى حد الساعة.

المغرب 35: في مسار سعيكم للإنصاف، هل تواصلتم مع السلطات الجزائرية، وكيف كان تفاعلها مع ملفكم؟

أكيد أن الجمعية، المسار الذي اتخذته منذ سنة 2006، كان مسارا متعدد الجوانب، حيث أولا سعينا إلى تجميع الملفات من طرف الضحايا، وإحصائهم، وإعداد استمارة تؤكد على الوضعية الاجتماعية والاقتصادية سواء في الجزائر أو سواء الحالية، بالإضافة إلى سرد الممتلكات التي تمت مصادرتها من طرف نظام الجزائر، سواء أثناء الترحيل أو ما بقي لهم بالجزائر،

أكيد أن الوضعية المزرية التي يعيشها الضحايا ما زالت إلى يومنا هذا يتجرعون مرارة هذه الوضعية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والتغطية الصحية، فالجمعية تتلقى يوميا مجموعة من الرسائل التي تطلب مد العون والمساعدة، والوقوف بجانبهم من جميع النواحي،

بعد سرد الوضعية الاجتماعية التجأنا إلى تدويل القضية من خلال اللجوء إلى مجلس حقوق الإنسان والتفاعل مع آلياته، من أجل دفع الجزائر أولا لجبر الضرر، ولإنصاف الضحايا ولاسترجاع الممتلكات أو ما يقابلها ماديا، من حيث القيمة المادية الحالية، أو من حيث استرداد المبالغ التي تمت مصادرتها

وأكيد أنه بعد 46 سنة فهي تتحمل كل الفوائد، التي وضعت في الأبناك أو كل المنقولات التي تمت مصادرتها، كأموال، كحلي، كشركات، يعني العدد كثير وكبير جدا، ناهيك عن جبر الضرر المعنوي، وبالتالي التوصيات الأممية التي صدرت في 2010 حول للجزائر من أجل التعويض عن الممتلكات أو ما يقابلها ماديا، بالإضافة إلى دعوة الجزائر إلى لم العائلات المشتتة.

يتبع..