يتواصل تقهقر “خرافة” الهيمنة الفرنسية في القارّة الإفريقية، والتي تمّ تكريسها عبر عقود من الاستعمار وحتى بعده. إلى درجة أن فرنسا صارت تظنّ أنها ستظلّ إلى الأبد متملّكة لـ”مفاتيح إفريقيا”. لكنّ الواقع على الأرض ما يُكذّب هذه الأطروحة المتآكلة، التي تواصل الاندحار و التراجع كلّ يوم أكثر فأكثر. بعدما ازدهرت قوى أخرى تنطلق من مفاهيم مُتجدّدة وبعقلية منفتحة ترتكز إلى مبدأ رابح -رابح . من أجل تكريس توغّلها الإستراتيجي في عمق القارّة. ولعلّ آخر بوادر الفشل الذّريع لفرنسا -ماكرون في ترسيخ الحضور الفرنسي في إفريقيا كما أرسى دعائمَه رؤساء كبار تعاقبوا على قصر الإليزي. أو على الأقلّ المحافظة عليه التوجّه الجديد لدولة الغابون نحو “إنهاء” الوجود الفرنسي على أراضيها.

فقد قرّرت هذه الدّولة اعتماد الإنجليزية كلغة مرجعية أساسية في برامجها التعليمية و إدراجها في مختلف الأقسام الدّراسية بداية من التمهيدي.

وفسّر المراقبون هذا النهج من سلطات ليبروفيل على أنه ردّ فعل “عمَليّ” على “الاستفزازات”. و التي سرّبتها الصحافة الفرنسية بشأن “تحقيقات قضائية لحكومة ماكرون بخصوص بعض “ملفات جهات عليا” في هذا البلد الإفريقي.

فقد كشفت كاميليا نتوتوم ليكليرك، وزيرة التعليم الوطني بالغابون، أنّ وزارتها ستعتمد الإنجليزيةَ كلغة أساسية في التعليم بدولة الغابون. و تعليمها للتلاميذ بداية من مرحلة التعليم الأولي و الابتدائي.

الغابون ترد على فرنسا

ورغم أنّ السلطات الغابون لم تعمّم حتى الآن بلاغاً رسمياً لشرح دوافع هذا القرار الإستراتيجي المهمّ. فقد فسّر خبراء ومحللون استراتيجيون هذا القرار كردّ على محاولة ماكرون التدخّل في الشؤون الدّاخلية للغابون.

وقالوا إنّ “استفزاز” حكومة الرّئيس ماكرون لـ”جهات عليا” في الغابون وتهديدها. بـ”أبحاث قضائية بخصوصها هو ما دفع هذه “الجهات العليا” إلى التأشير على هذا القرار التاريخي.

وتابع هؤلاء الخبراء والمحللون أن تبنّي الإنجليزية في المناهج التعليمية في الغابون معناه “نهاية مرحلة فرنسا”. و التي يشهد نفوذها في إفريقيا منذ تولي ماكرون رئاسة فرنسا، تراجعً وتقهقراً غيرَ مسبوقَين.

وكانت الغابون قد لمّحت، منذ سنوات، إلى إمكانية استعمالها ورقة تغيير اللغة المُعتمدة في البلاد إلى الإنجليزية وتخلّيها عن الفرنسية.

وفي السنوات القليلة الأخيرة قامت بخطوات “عملية” في اتجاه تنزيل هذا الورش المهمّ من خلال اعتماد الإنجليزية في مراحل متقدّمة من التعليم.

ولأنّ ماكرون “تمادى” أكثر من اللازم بحسب ما يبدو في “حشر أنفه” في شؤون غابونية داخلية “بعيدة عنه. فقد قرّرت سلطات ليبروفيل هذه السّنة “معاقبته” بـ”تعويضها” رسمياً للغة الفرنسية بنظيرتها الإنجليزية في جميع المستويات التعليمية. من التعليم قبل الأولي، صعوداً إلى مختلف المراحل والمستويات التعليمية