لطالما كان موضوع “فتح الأندلس” مادة مثيرة للمخيال الفنّي العربي و الاسلامي. ففيه تجتمع جلّ عناصر القصّة الدرامية  “الناجحة” : بطل ينجح في تحقيق مهمة مقدّسة رغم الصّعاب التي تواجهه. كما أن لديه حلفاء و أعداء. و هذا النموذج يعتبر من أبجديات السرد. لكن الأمور تصير معقّدة أكثر عندما تكون القصّة مستندة على أحداث تاريخية وصلتنا عبر نصوص مكتوبة. بحيث يغيب أو يكاد أيّ أثر بصري يمكن الاستناد عليه في التوثيق و جمع المعلوات بطريقة علمية.

و قد تناولت العديد من الانتاجات موضوع “الّأندلس”. و يظلّ أنجحها تناول الثنائي السوري وليد سيف و حاتم علي بثلاثيتهم التاريخية “صقر قريش”،”ريبع قرطبة” و “ملوك الطوائف”. و هي السلسلة التي أجمع أغلب المتخصصين و المتفرّجين  أنها كانت موفّقة و حظيت بالإعجاب.

في الموسم الرمضاني الحالي، تمّ الترويج لمسلسل جديد عنوانه “فتح الأندلس” من إخراج الكويتي محمد سامي العنزي.  المسلسل من تأليف ستة كتّاب:  3 سوريين، مصريين اثنين و كويتي.

و حسب ما جاء في مختلف المنابر الصحفية، فمسلسل “فتح الأندلس” عمل درامي تاريخي ضخم من إنتاج كويتي سوري . و تمّ  رصد ميزانية لإنتاجه بأكثر من 3 مليون دولار أمريكي. و جرى تصوير مشاهده بين لبنان و تركيا.

و المسلسل يحكي قصة القائد “الأمازيغي” طارق بن زياد خلال رحلة الفتح الإسلامي للأندلس أثناء ولاية موسى بن نصير في عهد الدولة الأموية.  مستعرضًا الصعوبات والمعوقات الذي واجههامن أجل فتح الأندلس، ضمن الفترة التاريخية الواقعة بين (89هـ وحتى 96هـ / 709م وحتى 715م).

و السؤال المطروح : ما الجديد في التناول الدرامي لهذه المادة التاريخية الذي من الممكن ان يقترحه علينا هذا العمل الجديد؟

بعد عرض حلقتين من المسلسل في مختلف القنوات العربية و منها المغربية، خرج العديد من المتتبعين بملاحظات أغلبها تنتقد العمل و  تناوله “الضعيف” فنيّا و تاريخيا خصوصا لشخصية طارق بن زياد المثيرة للجدل.

و قد كتب الناقد السينمائي فؤاد زويريق تدوينة بهذا الموضوع:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=5698097396872193&id=100000159671514

و بخصوص “الأخطاء” أو الهفوات” التي سقط فيها المسلسل في الحلقتين الأولتين فقط، طرح أحد المدونين الأسئلة التالية:

– هل فعلا سكان طنجة كانوا حديثي العهد بالإسلام عند “وصول الجيش الأموي” إليها؟

–  توجّس أهل مدينة طنجة من “طارق” يشير إلى أنه غريب عنهم. ومنه يمكن أن نفترض أن شخصية طارق في المسلسل “عربية”.

–  هل كانت بداية الفتح فعلا من طنجة . وهل كان طارق أميرا على طنجة وحدها؟

وأبرز مدوّن آخر:

-طارق بن زياد كان يتحدث الأمازيغية وليس العربية الفصحى.

-طارق بن زياد  حسب المصادر التاريخية كان شابا بشعر يميل للون الأشقر وعيون تميل للزرقة وملامح أمازيغية خالصة وضخم البنية وليس بقامة مهترلة وبطن منفوخ ولحية طويلة!

– يوليان الغماري هو ملك مغربي أمازيغي وليس حاكما قوطيا إسبانيا.

و يعرض هذا المسلسل على شاشة التلفزيون المغربي الرسمي. و هي عودة لبث المسلسلات التاريخية العربية بعد انقطاع طويل.

وجاء في تدوينة للمخرج عبد الإله الجواهري بخصوص هذا الموضوع:

https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10159858358859731&id=786729730

كما تناول  محمد عبد الوهاب رفيقي الملقّب بأبي حفص  موضوع مسلسل “فتح الأندلس” بهذه التدوينة :

https://www.facebook.com/photo/?fbid=4988462447907381&set=a.330932633660409

 

الخلاصة أن هذه الانتقادات للحلقات الاولى من المسلسل المبنية على هفوات واضحة ساهمت في جعل هذا العمل يعاني من الضعف و التّرهل ويبرز ذلك خصوصا :

-الكتابة الدرامية و إدارة الممثل و الديكورات و الجوانب الفنيّة و خصوصا الكرافيكية منها.

-غياب دقّة المعالجة الدرامية للمعطيات التاريخية.

نسجّل كذلك أنه لم تتم الاستعانة بكتّاب سيناريو أو ممثلين مغاربة (مشاركة يتيمة من هشام بهلول). كما أنّ أحداث المسلسل لم تصوّر في المغرب رغم أنّ الديكورات الطبيعية هي الأقرب للمكان الأصلي للقصّة. هذا التهميش للمغرب، لا نجد له تفسيرا رغم أنّ أرض المملكة معروفة بأنها تستقبل أطقم تصوير الأعمال الدرامية من مختلف دول العالم.

.