تعتبر الثقافة رهانا عالميا بالغ الأهمية في مجال الصعود الاقتصادي والسيادة، وذلك بحكم الحاجة المتجددة وبالكونية إلى المعنى وإلى التماسك الاجتماعي.

ويعتبر المغرب بلدا غنيا بتنوعه الثقافي وعمقه التاريخي وتراثه المادي واللامادي.

وفي هذا السياق، أورد تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد، أنه يجب أن تصبح الثقافة بالمغرب رافعة متعددة الأبعاد للرخاء الاقتصادي وللرابط الاجتماعي المتماسك، مبرزا أنه رهان للوحدة الوطنية، كما تشكل أيضا موردا للنمو والاستثمار والتشغيل أكثر قربا من المجالات الترابية والحاجيات المحلية.

وأورد التقرير المذكور، أن الثقافة من منظور النموذج التنموي الجديد تستجيب لمتطلب مزدوج للوحدة الوطنية والتنوع، حيث أبرز خبراء لجنة شكيب بنموسى، أن النموذج التنموي الجديد، يجعل من تنمية قدرات المواطن وازدهاره ومن تحرير المبادرات شرطا من شروط الإقلاع والريادة.

ويؤكد الدستور، وفق التقرير، على تنوع مقومات الهوية الوطنية من حيث مكوناتها وروافدها التاريخية والثقافية المنصهرة مع عراقة واستمرارية الأمة المغربية وسادتها الوطنية المتجدرة.

في هذا الإطار، اقترحت اللجنة 6 إجراءات للنهوض بالثقافة وهي كالتالي:

أولا، إدماج قوي للثقافة في المنظومة التربوية، حيث يتعين، وفق تقرير النموذج التنموي، إدراج النقاشات والمناظرات الموضوعاتية التي تمكن من صقل ملكة النقد والجدل والحوار والانفتاح على الآخر.

ثانيا، دعم دور الإعلام باعتباره أداة للإخبار والنقاش ومواكبة مسار تحوله الرقمي، حيث أكد خبراء لجنة بنموسى، أنه يتعين دعم الإعلام السمعي البصري الإذاعي والصحافة المكتوبة والمنصات الجديدة، للقيام بدوره في الإخبار والتحسيس والوساطة وتنشيط الحياة العمومية والنهوض بالتبادل ودعم المبادرات المحلية.

ثالثا، تشجيع تطوير مبادرات ثقافية مبدعة، من خلال ولوج أمثل إلى التمويلات العمومية والطلبيات العمومية والتمويلات الخارجية ومواكبة أفضل، كما يجب توجيه الطلبيات العمومية في المجال الثقافي (برامج أو مسلسلات تلفزيونية) نحو محتويات أكثر جودة وأشكالا أكثر إبداعا.

رابعا، دعم وتنشيط إنتاج ثقافي وإعلامي مبتكر يتسم بالجودة ويساهم في إغناء الحوار والتحسيس والإشعاع الدولي للمغرب، حيث اقترحت اللجنة في هذا الإطار، وضع علامة ميزة لفائدة الفاعلين والمبادرات الثقافية والإعلامية ودعم الانخراط الواسع للفعاليات في هذا المجال، خصوصا عبر تصنيف الفاعلين والمبادرات، عبر إحداث منصة إعلامية للإخبار والتحليل والنقاش العمومي، وكذا إنشاء منصة رقمية للصناعة الثقافية الموجهة.

خامسا، إنشاء وتنشيط فضاءات ثقافية في مختلف المناطق، حيث أكد تقرير اللجنة الملكية، أنه يجب إعادة تثمين هذه الفضاءات وتنشيطها من طرف المجتمع المدني المحلي وفق أهداف تتمثل في تثمين التراث الثقافي المحلي والتحسيس بالنقاش وتعزيزه ودعم الفاعلين الثقافيين والفنيين المحليين.

سادسا، ضمان المحافظة على الموروث الوطني، والذاكرة الجماعية وتثمينها وتعزيز إشعاع التاريخ والثقافة المغربية على المستوى الدولي، حيث شدد التقرير على ضرورة تعبئة كل الفاعلين من سلطات عمومية ومنتخبين ومجتمع مدني من أجل المحافظة على التراث.

كما أكد خبراء لجنة بنموسى، على ضرورة اتخاذ جملة من التدابير الرامية إلى جرد التراث المادي وجمعه وتوثيقه والمحافظة عليه وترويجه وتثمينه، وذلك بهدف صون مكونات التراث المادي، وإنشاء متاحف متخصصة في ذلك على المستوى الجهوي والمحلي.