ترانسبرانسي: الغرامة التصالحية لمجلس المنافسة ضد شركات المحروقات تتضمن عددا من الاختلالات

 

اعتبرت جمعية “ترانسبرانسي” المغرب إن قرار الغرامة التصالحية الذي اتخذه مجلس المنافسة كعقوبة ضد شركات المحروقات، يتضمن جملة من الاختلالات التي تجعله مشوبا بعيوب خطيرة. مشيرة إلى  أن التسوية شملت تسع شركات إضافة لمنظمتهم المهنية، ولم يوضح القرار الذي نشر كمختصر للرأي العام المبلغ الإجمالي للصلح، وماهي المخالفات المنسوبة لكل شركة وماهو مبلغ الغرامة الخاصة بكل واحدة.

واعتبرت الجمعية في بيان أنه “يمثل مخالفة للفصل 166 من الدستور الذي ينص أن “مجلس المنافسة هيئة مستقلة، مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة، لضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة، وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار”.

وأوضح البيان  أن القرار لم يوضح للرأي العام ما هي المعايير المعتمدة بالنسبة لملغ الصلح لكل شركة، كما هو الأمر بالنسبة للمعايير المعتمدة في حالة الغرامات المالية طبقا للمادة 39 من القانون المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، إذ يتم ذلك بناء على رقم معاملات كل شركة، مبيعات السلع أو الخدمات التي أنجزتها، مدة ارتكاب المخالفة أو المخالفات المتعددة محسوبة بعدد السنوات. إضافة إلى معايير أخرى مثل الإثراء والمبالغ المحصل عليها دون وجه حق من خلال المخالفة، درجة تورط المنشأة أو الهيئة في تنظيم ارتكاب المخالفة.

كما يتناسب مبلغ العقوبة المالية كذلك وفق “ترانسبرانسي” مع خطورة الأفعال المؤاخذ عليها، وأهمية الضرر الذي ألحقه بالاقتصاد، ومع وضعية المنشأة أو الهيئة الصادرة ضدها العقوبة، أو المجموعة التي تنتمي إليها المنشأة، ويحدد المبلغ بشكل منفرد ومعلل بالنسبة إلى العقوبة التي صدرت ضد كل منشأة أو هيئة، مع الأخذ بالاعتبار وجود ظروف مخففة أو مشددة.

وأكدت الجمعية أنه بالرغم من كون المادة 14 من القانون 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة تنص أن تنشر قرارات مجلس المنافسة في الموقع الإلكتروني للمجلس، ولا يستثنى من ذلك إلا ما يؤدي إلى إفشاء أسرار الأعمال، فإن المجلس لم ينشر تفاصيل الصلح وهي لا تتضمن أسرارا محمية، لكونها مبنية على إحصائيات ومعلومات عن رقم الأعمال قابلة للاطلاع، علما أن النشر يمكن من شفافية أكبر ومن فائدة للباحثين ولكل المهتمين.

وعبرت “ترانسبرانسي” عن استغرابها من كيف أن المجلس لم يبحث في شبهة تحقيق أرباح فاحشة تجنيها شركات توزيع المحروقات نتيجة التواطؤ على فرض أسعار البيع خارج منطق المنافسة، علما أن اللجنة البرلمانية حول أسعار المحروقات قدرت هذه الأرباح ما بين سنتي 2015 و 2017 ب 15 مليار درهم، أي بمعدل 7.5 مليار درهم في كل سنة، وبهذا يكون مبلغ الأرباح الفاحشة المتراكمة التي حققتها هذه الشركات خلال ثمانية أعوام ولحدود متم سنة 2023 ما يفوق 60 مليار درهم، وهو ما يتجاوز بأكثر من ثلاثين ضعفا مبلغ التسوية التصالحية التي التزمت بها الجهات الضالعة في التواطؤ على أسعار البيع.

وانتقدت تأخر القرار لست سنوات رغم الشكايات والتنبيهات المتواترة من قبل الرأي العام والصحافة والهيئات المهنية والنقابية وتصريحات والي بنك المغرب وغيرهم. مسجلة  أن الأرباح الفاحشة بقيت سارية المفعول بعد قرار مجلس المنافسة، إذ ما يزال ثمن البيع المتوسط يتجاوز الثمن المرجعي الناتج عن نظام تحديد أسعار المواد البترولية السابق عن تحرير الأسعار بهامش درهم واحد إلى درهم ونصف، حسب تقرير مجلس المنافسة نفسه بتاريخ 31 غشت 2022، الشيء الذي يفقد القرار كل مصداقية في فرض التنافس الشفاف والشريف، وفي قيام مجلس المنافسة بدور الرادع للاختلالات.

ودعت “ترانسبرانسي” في ختام البيان المجلس الأعلى للحسابات للتحقيق في ممارسات الفساد في القطاع بشكل عام وإصدار ما يتعين من إجراءات طبقا للقانون.