إن مصالح المغرب تضيع…فهل من مستمع؟

في مثل هذا اليوم، 21 مارس 2016، قضت المحكمة التجارية بالدار البيضاء، في الملف 23_8302_2016، بفتح مسطرة التصفية القضائية في مواجهة الشركة المغربية لصناعة التكرير (سامير)، وذلك بغاية وقف سوء التدبير والحد من نهب أصول ومقدرات الشركة وإغراقها في الديون، وبهدف تفويت الشركة للاستمرار في الإنتاج والمحافظة على المصلحة العامة للبلاد وعلى حقوق العمال ومصالح الدائنين وعلى المكاسب المتعددة التي توفرها صناعات تكرير البترول.
إلا أنه وبعد انقضاء 8 سنوات من مساعي المحكمة التجارية لبلوغ الأهداف المرجوة من التصفية القضائية وفق نصوص مدونة التجارة، يتبين بأن هذه الأهداف أصبحت بعيدة المنال وربما يستحيل تحقيقها بسبب الصعوبات من داخل وخارج المسطرة القضائية، وخصوصا بعد التوقف المطول للمصفاة وتعاظم فاتورة وميزانية الاستصلاح لاستئناف الإنتاج.
وإن سلمنا بأن شركة سامير توقفت بسبب سوء التسيير وتجاوز خصومها لأصولها بكثير وبشكل لا رجعة فيه، فإن هذه الوضعية، ما هي إلا نتيجة طبيعية للأسباب التي أوصلت لذلك، ومنها الخوصصة المباشرة ودون التقيد بمسطرة اختيار العرض الأفضل، ومنها السكوت والتساهل مع الخروقات التدبيرية لملاك شركة سامير ونقضهم لالتزامات دفتر تحملات الخوصصة والإفراط في الاستغلال دون تنفيذ الاستثمارات الموعود بها، ومنها تامر لوبي النفط بالمغرب لتحييد سامير من المشهد الطاقي، حتى ينفرد المتحكمون في السوق بوضع شروطهم على المغاربة تزامنا مع تحرير السوق وتحرير أسعار المحروقات.
لقد قلنا منذ زمان وفي حينه (إضراب 35 يوم 1989)، بأن خوصصة شركة سامير، كانت جريمة متكاملة الأركان، وأن سامير قتلت بسبب الاختلاط في قضيتها بين السياسي والدبلوماسي والمالي والاقتصادي، ومن الطبيعي أن يكون إنقاذها مرتكزا على قرار سياسي للدولة المغربية وأن المحكمة التجارية لوحدها لم ولن تقدر على بعث الروح من جديد في هذه المعلمة الوطنية، لكون تفويت الشركة مرتبط بمستقبل سياسة الدولة في تكرير البترول، وهو الأمر الذي تمتلكه السلطة السياسية في مفهومها الواسع وليس السلطة القضائية ودون التعاون مع السلطات الأخرى حسب الفصل 1 من الدستور.
وليشهد التاريخ، بأننا في النقابة الوطنية للبترول والغاز، ما زلنا مؤمنون وواثقون، بأن مقومات إنقاذ وتطوير شركة سامير ما زالت قائمة حتى الساعة، والغائب الكبير هو القرار السياسي للدولة، الذي يجب أن يبنى على المصلحة العليا للبلاد وليس المهادنة والتماهي مع اللوبيات المتحكمة في السوق. واستئناف الإنتاج بشركة سامير، يمكن إقراره بين عشية وضحاها، سواء عبر التشغيل بالإمكانيات الذاتية أو التفويت للدولة عبر مقاصة الديون أو التفويت للأغيار أو البيع للشركة المختلطة بين القطاع العام والقطاع الخاص وتفعيل اليات صندوق محمد السادس للاستثمار والمقتضيات الجديدة لقانون الاستثمار.
وإلى ذلكم الحين، لا يسعنا سوى تجديد النداء لكل الضمائر الحية في هذا البلد الأمين، من أجل تغليب مصلحة الوطن واستحضار التطورات الإقليمية والدولية في وجوب ضمان السيادة الطاقية لبلادنا في انتظار النجاح في الانتقال الطاقي 2050، والعمل على وقف مسلسل تبديد ثروة المغاربة بشركة سامير واسترجاع فوائد هذه الصناعات في الأمن الطاقي واقتصاد العملة الصعبة وتوفير الاف مناصب الشغل.
المحمدية في 21 مارس 2016.